كتب: أحمد الليثي - الكثير من الدروس المستفادة في فنون كرة القدم واللعب الجماعي والروح القتالية وانكار الذات والانتماء لوطن اصبح لا يعرف طعم الفرحة ولا تتردد الهتافات باسمه ولا ترفرف اعلامه إلا مع انتصارات منتخب كرة القدم.
وكان من اكثر ما استوقفتني خلال البطولة هو انه لم يحدث ولو لمرة واحدة طوال مشوارهم أن توقف الابطال المصريون عن السجود لله عقب احراز كل هدف أو تحقيقهم نصرا وكأنهم يقولون لك الحمد يارب على توفيقك ونحن في انتظار للمزيد.
وكم كان مشهد لاعب مصر المتميز احمد فتحي معبرا ومؤثرا بعد إحرازه الهدف الاول في مرمى الافيال وهو يوجه زملاءه في الفريق - رغم فرحتهم الطاغية - بأن يسجدوا جميعا شكرا لله عز وجل قائلا "اسجدوا .. اسجدوا". ولا اذكر اني رأيت أي لاعب او منتخب آخر مشارك في البطولة يسجد لله بعد احرازه هدفا او فوزا رغم وجود ثلاث منتخبات عربية - السودان والمغرب وتونس - وبالرغم من وجود لاعبون مسلمون في معظم المنتخبات الافريقية الاخرى.
وكأن الله سبحانه وتعالى كافأهم على تلك اللفتة الرائعة وعلى ادائهم الجماعي المبهر فحقق الفريق انتصارات تاريخية على الفريق العاجي القوي من قبله أسود الكاميرون.
ودائما ما تبدأ تصريحات اللاعبون المصريون وجهازهم الفني للإعلام بعد كل مباراة وتختتم بجملة الحمد لله رب العالمين ويؤكدون ان توفيق الله لهم بعد ان بذلوا كل ما في وسعهم من جهد وتركيز وأداء رجولي جماعي هو ما مكنهم من تحقيق الفوز.
وبعد مباراة كوت ديفوار سمعنا جميعا اللاعب الخلوق الموهوب محمد أبو تريكة وهو يكرر ان ثقة أفراد منتخب مصر في الله عز وجل وفي انفسهم هي التي حفزتهم لتحقيق هذا النصر الكبير والمذهل على الفريق العاجي وردد أبو تريكة الآية الكريمة "لئن شكرتم لأزيدنكم".
وانعكست هذه الحالة الجميلة من طلب توفيق الله على جماهير مصر العظيمة في البيوت والمقاهي والشوارع، فالامهات لم تتوقف دعواتهم لله بأن ينتصر فريقنا والجماهير في المقاهي والتجمعات لم تتوقف عن قول "يا رب"، حتى ان تقديم المشيئة وطلب النصر من الله أصبح من أشهر هتافات الجماهير المصرية قبل واثناء المباريات فتجدهم يهتفون "هوبه ايه هوبه اه ان شاء الله هانكسب".
وقال لي احد أصدقائي بعد المباراة عن منتخب مصر "اللعيبة دي ربنا بيكرمها عشان محترمين وبيسجدوا بعد كل جون، مش زي الغرور الشديد اللي ظهر في تصريحات لاعبو المنتخب العاجي قبل مواجهة منتخب مصر".
أعرف جيدا ان هناك من لن يعجبه كلامي، ومن سيتهمني بالترويج لما يحلو للبعض ان يسميه "الهوس الديني"، وبأنه "لا دين في الرياضة و لا رياضة في الدين".
أعرف كذلك ان هناك من سيتهمني بأني أدعو إلى ترك التخطيط والاستعداد والعمل والاكتفاء بالدعاء والسجود لله.
ولكن، ليس معنى كلامي هذا ان نتحول إلى "دراويش" ونطلب التوفيق والنصر بدون أن نبذل كل ما في وسعنا من جهد، فتوفيق ربنا يكون حليفنا فقط حينما يضم منتخبنا لاعبون متميزون مخلصون مثل ابو تريكة وزكي وزيدان وحسني وفتحي وشوقي وحسن وجمعة وشادي وفتح الله وسعيد ومعوض والحضري.
توفيق ربنا يكون حليفنا فقط حينما يقودهم مدرب متميز يجيد قياد ة لاعبيه وتوظيفهم.توفيق ربنا يكون حليفنا حينما فقط يؤدي الجميع في الملعب بمنتهي الاخلاص والقوة دون تراخي ودون ان يفقدوا تركيزهم حتى آخر ثانية في المباراة.
توفيق ربنا يكون حليفنا فقط حينما يكون لكل لاعب بديل في نفس مستواه لا يقلل عنه في مهارة وقدرة على تنفيذ واجبات مركزه فيغيب أحمد حسن في مباراة الكاميرون فنفوز بالاربعة ويغيب زيدان في مباراة انجولا ونفوز بهدفين ويغيب شوقي عن مباراة ساحل العاج ونفوز بالاربعة.
توفيق ربنا يكون حليفنا فقط حينما لا تشعر ان هناك فرق بين لاعب اساسي وآخر احتياطي وان الجميع هدفهم تحقيق الفوز لمنتخب مصر لإسعاد عشرات الملايين من المصريين والعرب.
ما اريد ان أؤكد عليه انه حينما يؤدي المصريون عملهم - في أي مجال - بتركيز وتعاون وروح الفريق وقبل ذلك وبعده طلب التوفيق من الله عز وجل فإن النجاح يكون حليفنا بلا شك، واللي مش يشوف تاني هدف أحمد فتحي وكيف اصطدمت الكرة بأحد مدافعي كوت ديفوار وغيرت اتجاهها لتدخل المرمى والهدف الثاني وكيف اصطدمت الكرة مرة أخرى بمدافع آخر ليقتنصها عمرو زكي.
وأخيرا فإننا ندعو الله أن يتكرر مشهد السجود الجماعي لمنتخب مصر بعد الفوز بكأس أفريقيا كما حدث في عام 2006 وذلك بعد أن يكلل الله مجهود أبطالنا بالفوز على الكاميرون والاحتفاظ بلقبهم الغالي.